[ad_1]
هذا المشهد مرده للحظة اغتيال واشنطن نائب رئيس “هيئة الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس, وقائد “قوة القدس” في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني, ورفاقهما, مطلع العام الجاري, في محيط مطار بغداد الدولي. «مفصل دفع بطهران إلى إعادة مقاربتها للملف العراقي» ، بتعبير أكثر من مصدر دبلوماسة إلى الشقّ الموالا واشنطن, وبإعرابها عن انسحاب مرتقب ووشيك من “بلاد الرافدين” وتحديد موعد لبدء “الحوار الاستراتيجي» بين واشنطن وبغداد في حزيران / يونيو المقبل, عد في طهران “مبادرة توجب التدقيق فيها” كما يمكن أن يبنى عليها في ضوء المستجدات العالمية (جائحة “كورونا” وانهيار أسعار النفط), بالتوازي مع تسلم الجانب الإيراني, عبر أكثر من وسيط معتمد, رسائل عن جاهزية واشنطن ل “طي صفحة الماضي … والبدء بصفحة جديدة”.
تلقّفت طهران الرسائل بشيء من الحذر والريبة والترقّب ؛ لا إفراط في التفاؤل ولا ركون إلى التشاؤم, بل محاولة استيضاح “النيات الأميركية” قبل اتخاذ أي موقف إزاءها, مع الأخذ بعين الاعتبار اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية, أواخر العام الجاري, وما يمكن أن تحمله من مفاجآت. هنا ، يبرز دور الكاظمي بأن يكون أقوى «قناة اتصال» بين الجانبين. لأسباب عدّة ، أبرزها:
ــــ تُعدّ الساحة العراقيّة ساحة الاشتباك ، كما التواصل ، بين واشنطن وطهران. وعليه, فإن أي رئيس للوزراء سيقوم بهذا الدور في “ضبط إيقاع» المواجهة, لتحييد بلاده من تداعيات أي انفجار, من جهة, وإثبات قدرة الرئيس على تنفيذ برنامجه الوزاري من جهة ثانية (أحد بنود برنامج الكاظمي ضبط الاشتباك القائم).
إطلاق عجلة حوار «غير مباشر» بين واشنطن وطهران لا يعني التخلّي عن البندقيّة
ــــ رغبة الطرفين (الأميركي والإيراني) في تعزيز حضور الدولة العراقية في المرحلة المقبلة. تدعو مقاربة طهران الجديدة إلى تمكين الحكومة الاتحادية, خوفا (كواحد من أبرز الأسباب مثلا) من تكرار سيناريو سقوط مدينة الموصل في حزيران / يونيو 2014 وتداعيات ذلك على المنطقة بأسرها.
ــــ غياب سليماني ، رجل طهران الأقوى في المنطقة. فهو ، باعتراف الجميع ، «خلّف فراغاً كبيراً في مقاربة المواجهة ضد واشنطن» ؛ فكيف لطهران أن تقارب هذا التحدّي بغياب رجل أُسندت إليه هذه المهمّة منذ عام 2000.
ــــ ثمّة من يؤكّد أن احتساب الكاظمي على المعسكر الأميركي «لا يعني أنّه أميركي مئة في المئة». هو وجهٌ علاقاته واسعة مع الإدارات الغربيّة والخليجيّة ، وله مثلها مع دوائر أخرى ومحدّدة في طهران ، ترا فنجاح الكاظمي في هذه المهمّة يعني نجاح الجميع ، وإخفاقه لن يكون مضرّاً لطهران ، التي قيّمت أخيراً تجربة
هذه العوامل من شأنها أن تشكّل فرصاً لنجاح هذه المبادرة ، وتعزّز دور الكاظمي وقدرته على احتواء اشتباك آ احتواءٌ مقرون بالحفاظ على مسافة واحدة بين العاصمتين ؛ فأي ركون إلى معسكر دون آخر يعني سقوطا تلقائيا, وسيترجم ذلك في الميدان برسائل محددة, فالطرفان “لا يأمنان» بعضهما لبعض, وإطلاق عجلة حوار “غير مباشر” لا يعني التخلي عن البندقية.
الإقليم وفرص الاقتصاد
محلّياً ، يواجه الكاظمي ، تحدّيات عدّة ، أبرزها اقتصادية وصحّية ــــ اجتماعيّة. يسعى إلى حلّها بأقل التكاليف الممكنة والموارد المتاحة ، في موازاة التحدّيات «الكلاسيكية» ، أي السياسيةة نجاحه في اجتirio
كذلك, وعلى ضوء المستجدات العاصفة بالمنطقة, وفي ظل الانهيارات الاقتصادية التي تعيشها بعض الدول (لبنان) وتخوف من أن يكون العراق هو التالي, ثمة من يدعو إلى “تحويل هذا التهديد إلى فرصة” وإطلاق شراكة اقتصادية جدية بين هذه الدول (العراق, سوريا ، لبنان ، الأردن ، مصر …) ، لتكون منطقة اقتصاديّة تتكامل في قدراتها ، وتحقّق اكتفاء من إمكاناتها المتاحة. هنا يبرز تصريح الكاظمي, صاحب الجدول اللافت من اللقاءات الدبلوماسية اليومية, أمس, بأن “طريق الاستقرار المستدام يكون عبر التكامل مع الجيران” وتأكيده على دور سوريا المحوري في ذلك. ثمة من يرجح أن “مشروعا ما يجهز في هذا السياق” من المطلعين على كواليس العملية السياسية في بغداد, وخاصة أن علاقات هذه الدول, في مرحلة “ما بعد كورونا” لن تكون كما قبلها, وعليها البحث عن سياقات أخرى, تحفظ ما سيتبقى لديها من قدرات وإمكانيّات «لا أن تنهار كليّاً أمام التبعيّة للغرب». مشروع ، وفق هؤلاء ، أقرب إلى أن يكون «طرحاً مشرقيّاً» ، تبنّاه نظريّاً عبد المهدي ويؤمن به الكاظمي. لكن السؤال المطروح: هل ظروف المرحلة المقبلة ستسهّل ترجمة هذه القناعات؟ وهل من شروط ما لتنفيذها؟